‫الرئيسية‬ منبر حر لماذا المغربي يَتَجَشّأ “يْتْچْرّْعْ” أمام العموم بشكل اعتيادي؟
منبر حر - 24 نوفمبر، 2017

لماذا المغربي يَتَجَشّأ “يْتْچْرّْعْ” أمام العموم بشكل اعتيادي؟

كثيراً ما ألاحظ المغربي سواء على طاولة الأكل أو المقهى أو حتى في الإدارات وأثناء الحديث مع الناس “يْتْچْرّْعْ” بدون حرج وأتساءل هل هو واعي بأنه يزعج الآخرين بحركة فمه وبطنه وتنفسه وبالصوت المزعج والرائحة الكريهة وفي غالب الأحيان لا يبتعد عنك سوى ببعض السنتيمترات وأنفك يستقبل غازه الخام الخارج من فمه! والغريب في الأمر أنه رغم عدم احترام الحاضرين ينهي “ْتْچْرِعْةُ” بِـ “الحمد لله” ويطيل في نطقها وغالبا ما يعيد “التّْچْرِعَة” مراتْ ومرات ويُعيد بنفس الوثيرة “الحمد لله”. على ماذا يحمد الله؟ على سوء آدابه وعدم احترامه الآخرين وتلويثه فضاء المكان بمنتجاته الغازية الكريهة؟

التجشؤ أو “ْتّْچْراعْ” شيء طبيعي مثله مثل إخراج الريح من المؤخرة ولا فرق بينهما. فلماذا نعتبر إخراج الريح شيء غير مقبول في المجموعة ويبطل الوضوء و”ْتّْچْراعْ” شيء عادي ومناسبة ثمينة لحمد الله؟

حاولت تحليل هذه الظاهرة المخجلة  والمألوفة في ثقافتنا والتي تصدمني كلما صادفتها. وهذه بعد التفسيرات والأسباب:

1- كيف نفسر التجشؤ:

– هي غازات بداخل المعدة تصعد لتخرج من الفم لتقليص حجم المعدة لكي تتم عملية الهضم

– بإمكان الفرد التحكم في التجشؤ أو القيام به في عزلة بدون سانفونيا تزعج السامعين.

– هناك التجشؤ المرضي الراجع إلى أسباب عضوية أو نفسية كالقلق مثلا.

2- أسباب الظاهرة الاجتماعية لِـ “ْتّْچْراعْ”:

أ- المفهوم الخاطئ للدين: انطلاقا من مفهوم أن الله هو الذي يرزقنا وينزل لنا الطعام فلابد من حمده على نعمه وهذا شيء طبيعي بالنسبة لجميع المؤمنين بالله. و “ْتّْچْراعْ” في ثقافتنا يعتبر انطلاقا من هذا المعتقد أنه علامة للشبع من الأكل ومن الكرم الإلهي فيكون متبوعاً بالحمد لله على نعمة هذا الطعام. لكن هل من واجب المؤمن أن يحمد الله ويشكره على النعمة أم على “ْتّْچْراعْ” الذي يزعج الآخرين بروائحه الكريهة ولحنه الموسيقي المزعج؟

ب- غياب ثقافة وآداب الأكل عند المغاربة: هي من الأسباب الأساسية لِ”ْتّْچْراعْ”

– غياب ثقافة متعة الأكل: المغربي لا يأخذ الوقت الكافي للتمتع والتلذذ بالأكل بحيث ينهي وجبة طعامه في اقل من 10 دقائق. كما أنه يأكل لكي يملئ بطنه تماما لكي لا يجوع بسرعة ولهذا تعود على ملئها بأكبر كمية ممكنة من الطعام في اسرع وقت ممكن. و عندما تُجاوزُ كمية الأكل المستهلك حجم سعة المعدة، تواجه هذه الأخيرة صعوبات في الهضم وتُخرج الغازات لتسوية الوضعية.

-الاكل بِـ “اللَّهْفَة” و”الزّْرْبَة” : مازال المغربي يأكل بسرعة وبلهفة محاولا التهام أكبر نصيب من الطعام المشترك مع الآخرين و”يْقولْبْهُمْ”. والأكل باللهفة يمنع الفرد من المضغ بالتأني (مرحلة جد مهمة في عملية الهضم لأنها تساعدنا على إخراج الهواء من اللقمة) ويسرع في الابتلاع وهكذا تدخل كمية كبيرة من الهواء إلى المعد والتي يجب إخراجه من بعد بِـ”ْتّْچْراعْ”

– الأكل في صحن واحد: هذه الطريقة تخلق المنافسة في الأكل لابتلاع أكبر حصة من الصحن وبسرعة فائقة والهدف هنا ليس التمتع بالأكل بل “الشّْتيفْ” وملئ البطن. وهذه الطريقة تكون سبب في ابتلاع كمية كبيرة من الهواء لينتج “ْتّْچْراعْ”.

3- غياب التربية المتحضرة في العلاقات الإنسانية:

في المنزل الكل كَـ”يْتْچْرّْعْ” وحتى في المدرسة الأستاذ كَـ”يْتْچْرّْعْ” بدون سانفونيا أو بِـ “سِّيلانْسْيُو”. و بالتالي يتأثر الطفل من هذه الظاهرة ويقلد نموذج المربي ولا أحد يشير إلى أن هذه العادة  مسيئة لصورة الإنسان وليست من الأخلاق و الأدب السلوكية اللائقة .

لكم الاختيار لنغير سلوكنا وأخلاقنا أو “نْبْقاوْ كَنتْچْرّْعو مْعا راسْنا وكل مغربي يطلق سانفونيا دْيالو ويلحن غازاته المضادة للروائح الطيبة” ؟

جواد مبروكي:طبيب ومحلل نفساني ،كاتب وفنان تشكيلي

أرتيكل19

‫شاهد أيضًا‬

تعابير الحق، “لوحة” جماعية من أجل فعلية الحقوق

آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان صحيح أن الأزمة الصحية، التي نتجاوزها، خلفت آ…